تحمل النبي والصحابة للواردات القلبية وكمالهم في ذلك
وقد ذكرنا من قبل ونجمل الآن: أن أفضل الناس هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الذين كمل لديهم التأثر بالواردات الإيمانية التي ترد على قلوبهم، وكمل لديهم التحمل لها، فهم يجدون من المعاني الإيمانية ما لا يمكن أن يجده أحد بعدهم؛ لكن لديهم من قوة التحمل ما يجعل الواحد منهم يقرأ القرآن، ويذكر الله، ويسبحه، ويتفكر في ملكوت السموات والأرض ولا يفقد وعليه.
وأما من حصل له خلاف ذلك: كمن يحصل له ما يطلق عليه: واردات القلوب، والمعاني الإيمانية؛ فلم يتحملها فيسقط مغشياً عليه، أو سمع آيات في ذكر الجنة أو النار فلم يتحمل ذلك فسقط وأغمي عليه؛ فهذا ضعف عن التحمل، وهو مأجور إن شاء الله، وهذا دليل على الإيمان، لكن لا نفضله على من تحمل ذلك مع استوائهما في قوة الوارد، هذا المتحمل والصابر والقوي والمتماسك أفضل، لكن المشكلة هي في النوع الثالث؛ الذين لا يرد على قلب أحدهم إلا معاني غير إيمانية، أو ضلالات، أو بدع، أو أوهام؛ ومع ذلك لا يتحملها، ويظن الأتباع، أو من ضل فيهم وظنهم من أكابر الأولياء؛ أنهم أفضل حالاً من الصحابة أو التابعين فمن هنا جاء الضلال.